القانون لا يحمى المغفلين

الكاتب : خليفة النيهوم

تفاجأت الأوساط السياسية والإعلامية الليبية بإعلان مارتن كوبلر المبعوث الأممي للأمم المتحدة في ليبيا باعتبار فترة السنة المحددة للمجلس الرئاسي يبدأ احتسابها من اعتماد البرلمان الليبي المقيم بطبرق حالياً الاتفاق السياسي وتضمينه الإعلان الدستوري والموافقة بالتالي على تشكيلة حكومة التوافق الوطني وفقاً لاتفاق الصخيرات.

لتنقلب كافة الحسابات السياسية التي كان ينبرا لها الجهابذة من أعضاء البرلمان وحديثهم عن خبراتهم ومعرفتهم لكيفية إدارة العملية السياسية وقدراتهم على إفشال المجلس الرئاسي وفقاً لقواعد القانون الدولي الذي يعرفون فك طلاسمه مع عدم إجادتهم للغات الأجنبية التي تم صياغته من خلالها.

المحير في الأمر ما التسمية التي سنطلقها على سنة كاملة منذ وصول المجلس الرئاسي لقاعدة طرابلس البحرية وبدء لجنة الترتيبات الأمنية في تنفيذ أعمالها بمساندة المستشار الأمني الإيطالي ، وتقديم الرئاسي لتشكيلته الأولى التي فشلت في الحصول على ثقة البرلمان بجيشها الجرار من الوزراء يتربعون على عدد مهول من الوزارات لإرضاء وإسكات الجميع بدون أي مراعاة للظروف الاقتصادية المحيطة بالبلاد وما ستقدمه هذه الوزارات من خدمة لمواطنيها ، ليعود لنا مرة أخرى بتشكيلة محتشمة معتمداً الدمج والضم لوزرات قام بابتكارها في تشكيلته الأولى التي لم يسبق لها مثيل طيلة تاريخ الدولة الليبية ، ولتلاقي التشكيلة الحكومية الثانية الرفض لأسباب حيرت الفلاسفة والحكماء والعلماء بإخراج مسرحي هزيل يعتمد مصطلح الشرعية .

ليلجأ المجلس الرئاسي إلى تشكيلة ثالثة طال انتظارها ولم تصل البرلمان في المدة المحددة وهى عشرة أيام ، ونتيجة عظم المهام الاقتصادية في الدولة الليبية الملقاة على عاتق المجلس في نظر العديد من مستشاريه ، تجاوز تقديم التشكيلة الحكومية مؤقتاً بإعطاء التفويضات للوزراء لتسيير أعمال وزاراتهم ، واختيار وزراء جدد للوزارات الشاغرة التي استقال أعضائها من التشكيلين السابقين ومن ضمنها وزارة المالية فبعد الاجتماعات المالية التي عقدت في لندن ثم مالطا لتضييق أوجه الخلاف مع المصرف المركزي وحلحلت أزمة السيولة المالية للبدء في ترتيبات تسييل ميزانية 2017م من دون مشاركة مجلس النواب باعتبار تعنته في اعتماد الحكومات السابقة هو المتسبب في الشلل الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

فبعد أن كنّا نشهد إنشاء التحالفات الجهوية والمصلحية لتأسيس الكيانات البرلمانية تحت مسمى الكتل النيابية وبأنها ضرورة حتمية للمرحلة القادمة بنهاية عهد لمجلس الرئاسي بطرابلس وإلغاء لجنة حوار الاتفاق السياسي بالصخيرات التي تشوبها عدة شوائب لم ترق للكثيرين من المحللين السياسيين والإعلاميين لأطراف عدة.

تبين بما لا يدع مجال للشك بأن حساباتهم الفلكية التي اعتمدت على الدجل والدروشة لجهلهم ببواطن الأمور ومخرجات الألفاظ قد جرت وراءهم العديد من الجهويين الذين يؤيدون ما تفتقت عنه عقولهم الصدأة ولم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير ولو قليلا فيما ألت إليه الأمور من تشظي. محاولين استثمار نجاحات الجيش الليبي لتحقيق طموحاتهم السياسية والمحافظة على مكاسبهم المالية ووجاهتهم الاجتماعية التي اغتنموها من الليبيين في غفلة منهم، يعانون الأمرين من مصاعب مالية واقتصادية ويعيشون ملامح كابوس الانهيار الاقتصادي الذي يرددونه على رؤوسهم ليل نهار متوعدين بحدوثه.

الجيش سيطر على أجزاء شاسعة من مدينة بنغازي وعادت إليها الحياة بصورة طبيعية، فما الذي يؤخر عودة البرلمان للمدينة وعقد جلساته. التي طال انتظارها وممارسة أعماله وتصديقه على العديد على القوانين التي ظلت حبيسة أدراجه التي يعلوها الغبار.

شاهد أيضاً

دولة على مَنْ ..؟

  فاسدون ولا تدَّعون الصلاح ، فاسقون ولا تدَّعون العفة ، ناجسون ولا تدَّعون الطهارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.